بسبب هشاشة وضعيتهم الإجتماعية أطباء أجانب يدخلون في إضراب جوع بباريس

أعلن عدد كبير من الأطباء الأجانب، أي المكونين خارج الإتحاد الأوروبي،عن دخولهم إضرابا عن الطعام منذ الأربعاء 5 مارس 2025. بالإضافة الى قيامهم بمظاهرة يومي 8 و9 مارس الجاري أمام وزارة الصحة الفرنسية تنديدا بوضعيتهم الإجتماعية الهشة.
وفي تصعيد جديد أعلن أطباء بادهو، هؤلاء الممارسون المؤهلون خارج الإتحاد الأوروبي والموجودين بكثرة خاصة في إيل دو فرانس، أعلنوا عن إستعدادهم لفعل أي شيء من أجل تسوية وضعيتهم في فرنسا.
وبدأت الاحتجاجات في شهر جانفي 2025، عندما أشاروا غاضبين إلى إلغاء 700 وظيفة من أصل 4000 تم الإعلان عنها بعد نتائج إختبارات التحقق من المعرفة وهي مناظرة تسمح بالوصول، بعد عامين إضافيين، إلى رتبة طبيب مسجل في عمادة الأطباء الفرنسيين.
وفي هذا الصدد يقول الدكتور عبد الحليم بن سعيدي، نائب رئيس جمعية تكامل الممارسين المؤهلين الأجانب المنخرطين في مكافحة الأزمة، والذي يعمل في قسم أمراض السكري في مستشفى ماكس فوريستييه في نانتير :”نحن نعمل على تشغيل وصيانة المستشفيات منذ سنوات. وقد وعدنا رئيس الجمهورية بإنتشال البادهو من الوضع المتدهور الذي يعيشونه، ولكنها كانت فقط مجرد وعود، ولم نحصل على شيء”.
حضور هام للأطباء الأجانب بباريس
ويمثل هؤلاء الأطباء القادمين من الخارج، وخاصة من الجزائر وتونس وسوريا والمغرب ولبنان، جزئا هاما من في المستشفيات خاصة في إيل دو فرانس، عنصرا ضروريا للغاية لمجابهة النقص الحاصل في عدد الأطباء والتصحّر الطبي الذي تعاني منه المنظومة الصحية الفرنسية.
ووفقًا للنقابة الوطنية للأطباء، فإن 38% من العاملين في مجال الرعاية الصحية في منطقة باريس والمسجلين لدى نقابة الأطباء هم من أطباء بادهيو السابقين. ويوجد 11% في أوت دو سين، و21% في سين سان دوني، و16% في فال دو مارن، و6.7% في باريس.
وضعيةإجتماعية هشّة
وبينما ينتظر هؤلاء الأطباء تسوية أوضاعهم، يعملون كممارسين من خارج الإتحاد الأوروبي بموجب عقود غير مستقرة، ويتمتعون بوضع المستشفى المعادل لوضع الطالب المتدرب. ولا يملك أطباء بادهو أي شيء، بإستثناء ترخيص مؤقت لممارسة المهنة من سنة إلى أخرى. وحسب الدكتور “السعيدي” فإنهم ” يحصلون على أجر يتراوح بين 1400 يورو و2000 يورو شهريًا”.
إجراءات طويلة ودون جدوى
قبل أن يتمكن الأطباء الاجانب من ممارسة المهنة بشكل عادي، يجب عليهم أولاً إجتياز مناظرة تتيح لهم بعد ذلك الوصول إلى دورة تقوية المهارات لمدة عامين وعند انهائها يمكنهم التسجيل في عمادة الأطباء الفرنسيين.
وعند ظهور كوفيد -19 تم الإستنجاد بالعديد من مقدمي الرعاية الصحية وفي المقابل لم يتم تنظيم المناظرة وهو ماجعل حوالي 7000 من الأطباء ومقدمي الرعاية الصحية يعملون لسنوات بفرنسا في وضعيات إجتماعية هشّة.
وحسب “إريك ترون دي بوشوني”، من نقابة الأطباء في الإتحاد الفيدرالي للأطباء والمهندسين والمديرين والفنيين فسيتم إسناد 20% من فرص الإنتدابات الداخليه، والبالغ عددها 10 آلاف، وذلك بصفة إعتباطية حتى لا يتم إستقدام المزيد من الأجانب.
وإعتبر “ترون” الوضع مؤسف في الخدمات الإستشفائية، مؤكدا أنه وبشكل عام يحضى عمل البادهو بتقدير كبير ويحاول ورؤساء الأقسام الإحتفاظ بهم قدر المستطاع، حيث يتم تكليفهم بنفس المسؤوليات التي يتحملها الطبيب عادة.
ويدين دكتور بن السعيدي تخفيض الوظائف المعلن عنها في إجتماعات التوظيف لسنة 2024 إلى 700 وظيفة من أصل 4000 تم الإعلان عنها، ويعتبره قرارا تعسفيا يحرم هؤلاء الأطباء من حقهم في البدء في عملية توحيد شهاداتهم”. خاصة وأن عدد الإنتدابات المفتوحة سنويا لا تفي بإحتياجات المستشفيات.
وفي غياب التنظيم، يضطر أطباء البادهو إلى الإستمرار في ممارسة عملهم عن طريق التمديد غير القانوني لوضعهم كطلاب وهو وضع خطير للغاية فهم يخسرون كل شيء بما في ذلك حق الإقامة عند إنتهاء عقودهم.
كل هذه الظروف أدت إلى إطلاق معركة قانونية لمحاولة الطعن في التخفيضات في الوظائف. فبعد الإحالة على المحكمة الإدارية والإستئناف أمام مجلس الدولة، ستحاول الجمعيات والمنظمات النقابية إيجاد مخرج خلال إجتماع بمقر وزارة الصحة اليوم الثلاثاء 4 مارس 2025.
“وسيتم المطالبة بإعادة 700 وظيفة، وتمكين الأشخاص الذين يشغلون وظائف والحاصلين على أكثر من 10 وظائف من الدخول في عملية توحيد الوظائف عن طريق الإعفاء”، كما يوضح الدكتور بن السعيدي. أما إذا فشلت المفاوضات فسيبدأ 300 بادهو إضرابا عن الطعام صباح الأربعاء.